تتغير أحوال مصر إلي الأفضل مالم تنجح مؤسسات الدولة والمجتمع المدني في تصفية حالة الاستقطاب الحاد التي قسمت المجتمع المصري علي نحو غير مسبوق الي فسطاطين‏ فسطاط الايمان وفسطاط الكفر‏ في مرحلة بائسة من تاريخ المصريين شعارها المفضل قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار!

لأنها قسمة ظالمة لا تعكس واقع المجتمع المصري اكثر المجتمعات البشرية تمسكا بقيم الدين الصحيح ولأنه في ظل هذه القسمة الظالمة انتشرت قيم التعصب بدلا من التسامح وحلت الكراهية والبغضاء محل التكافل والمحبة وساد الصراع والاقتتال بدلا من التوافق والسلم الاهلي واستنزف المصريون جهدهم في معارك وهمية ادخلت ثورتهم في متاهة بغير مخرج, لانهم لم ينجحوا في التركيز علي المصالح المشتركة بين كافة فئات المجتمع وأدخلوا أنفسهم في متاهات عديدة بسبب تعدد مرجعياتهم الدينية والسياسية وما من شك ان المصالحة الوطنية دون استبعاد احد يمكن ان تحقق توافقا وطنيا يضمن تعاون كل ألوان الطيف السياسي ويقلص من خطورة الاستقطاب الذي كاد يمزق النسيج الوطني وأدي الي تضخم الطائفية وساعد علي نمو العنف وفتح ابواب البلاد علي مصاريعها للتدخل الاجنبي لكن انهاء حالة الاستقطاب واجتثاث جذورها يتطلب ما هو اكبر من المصالحة الوطنية وحسن النيات خاصة ان حدة الاستقطاب تأتي من الخلط غير الصحيح بين الدين والسياسة, واستخدام الدين لإضفاء قدر من التميز علي طرف سياسي دون الآخر, يبرر له تعطيل تكافؤ الفرص واستمرار سياسية الاستحواذ والانفراد والتمكين والسيطرة تحت دعاوي الشريعة.

وأظن ان القضية تحتاج الي روشتة علاج ناجعة تعالج الاسباب الجوهرية للمشكلة دون زيف او نفاق تمنع اقامة الاحزاب علي أسس دينية كي يصبح معيار المفاضلة هو الخطأ والصواب وليس الكفر والايمان, وتحرم استخدام منابر المساجد في الترويج لاية دعاوي سياسية وحزبية ضمانا لتكافؤ الفرص بين الجميع, وتلزم الدولة عدم التمييز بين المواطنين بسبب الجنس او اللون او الدين وتفرض عقوبات قاسية ضد صور التمييز السلبي وتخضع كل المرجعيات الدينية لمرجعية الأزهر الشريف التي يتفق المجتمع علي وسطيتها واعتدالها وترفع شعار الدين لله والوطن للجميع, يلزم كل مؤسسات الدولة والمجتمع المدني, ويصبح دستورا لكل المواطنين بدلا من هذا الشعار العنصري الكريه, قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار!