كان يمكن ان نصبر علي اعتصامي رابعة العدوية والنهضة شهرا او شهرين‏,‏ لو ان المعتصمين التزموا البقاء في الميادين يرفعون شعاراتهم ومطالبهم شبه المستحيلة‏,‏ أملا ان يأتيهم النصر من وراء البحار في صورة تدخل اجنبي سافر‏.

يضرب عرض الحائط بإرادة الشعب المصري لكنه عشم ابليس في الجنة, لانه ما من قوة علي ظهر الارض يمكن ان تفرض علي المصريين بعد30 يونيو حكما لا يحبونه ولا يرتضونه, ولان للمصريين دروسا وخبرات عظيمة مسطرة في كتب السياسة والتاريخ, تتحدث عن فشل محاولات القوي العظمي في تطويع ارادتهم, ولان العالم لا يزال يحكمه بعض من الرشد يمنعه من ان يقامر علي خسارة صداقة مصر والمصريين لصالح الرئيس المعزول وجماعته!

ولأن جماعة الاخوان المسلمين تعرف هذه الحقائق جيدا, فان غاية اهدافها الان ان تستثمر الموقف الراهن علي امل ان يفلت عبد البديع والشاطر والبلتاجي وحجازي ومن علي شاكلتهم من حكم القانون, مستخدمين جموع المعتصمين في رابعة العدوية والنهضة دروعا بشرية تمكنهم من تحسين موقفهم التفاوضي, وما من شك ان واحدا من اهدافهم التكتيكية تخويف صانع القرار من مغبة صدام يمكن ان يسفر عن ضحايا عديدين, وإلزامه التريث في استخدام التفويض الذي منحه الشعب للجيش والامن.

وتأجيل تنفيذ عملية فض الاعتصام مرة وراء الاخري بما يضاعف من بلبلة الرأي العام ويهز ثقته في امكانية ان تفي القيادة بوعودها, ويؤدي الي خلخلة كبيرة في جبهة الداخل, يساعدهم علي ذلك وسطاء الخارج الذين يحذرون من مغبة فض الاعتصام بالقوة, وليس صدفة ان تنتهي مفاوضات الجماعة مع الوفدين الاوروبي والافريقي عند حدود طلبات الافراج عن جميع قياداتهم وعودة الرئيس المعزول الي الحكم قبل الحديث عن اي شيءاخر!, وربما لا يكون من حق احد ان يفرض علي الجيش والامن موعدا محددا لتنفيذ فض الاعتصام لان ذلك من صميم اختصاصهما, لكن اتساع المسافة الزمنية بين التفويض وتنفيذ القرار يؤثر علي معنويات الناس ويضر بصالح العملية, خاصة اذا كان الطرف الاخر يستثمر هذا الموقف لبناء تحصينات جديدة شديدة حول مناطق الاعتصام تحمل موادها ناقلات ضخمة تعبر كل الحواجز بأمان و تصل الي اماكن الاعتصام!